الثلج في اسطنبول . . . مهرجان ابيض يغطي كل شيء
تحولت مدينة إسطنبول إلى لوحة فنية بيضاء رسمتها الطبيعة بريشة ثلوج أذابت “هموم” الباحثين عن استراحة، والسكان الذي افتقدوا تلك اللوحة منذ عام.
الثلوج، التي تواصل هطولها على إسطنبول، منذ أيام، وسط تدني درجات الحرارة إلى 7 تحت الصفر، لم تعطل سير الحياة اليومية، لكنها منحتها مزيداً من البهجة والتألق، وكأنها كانت في انتظار الزائر السنوي.
الزائر الأبيض أضاء طرقات المدينة، وزين قباب مساجدها، وأسطح منازلها، فأدخل البهجة والسرور إلى قلوب سكانها وزائريها.
اللوحة، التي رسمها الزائر الأبيض، للمدينة، لم يصمد أمامها هواة التصوير، فانتشروا في أزقة وعلى مرتفعات إسطنبول، متسلحين بكاميراتهم، التي التقطت أجمل صور البهجة والسعادة.
فلا تزال حبيبات الثلج اللامعة تتساقط في إسطنبول، تداعب وجنات الصغار تارة، وتلامس أهداب أعين الكبار تارة أخرى، وترسم مع كل نسمة باردة ذكرى جميلة، في ساحات المدينة، التي تعج بالإسطنبوليين والسياح.
ساحة تقسيم الشهيرة في المدينة، تحولت إلى سجادة بيضاء كبيرة، جذبت الآلاف، من الراغبين بالاستمتاع بالثلوج، أطفالاً وكباراً، رجالاً ونساءً، وكذلك هو حال بقية ساحات المدينة التاريخية، التي تعيش استنفارا بلدياً لتسهيل حياة الجميع، والحيلولة دون تقطع طرقاتها بسبب تراكم الثلوج.
أما في الأزقة والأحياء السكنية، فكان للضيف الأبيض، لمسة خاصة، لم ترسم البسمة على وجوه الأطفال، فحسب، بل على وجوه كبار السن أيضاً، الذين نزلوا معا إلى أمام منازلهم للعب بكرات الثلج، فضلاً عن بناء الأكواخ الصغيرة ومختلف أشكال المجسمات، مع تمنيات بأن يعم الأمن والأمان في العالم.
ولم تمنع درجات الحرارة المنخفضة، الكثير من سكان إسطنبول، وحتى كبار السن، من ممارسة هواياتهم المفضلة في مثل هذه الأجواء، فكانت مياه البوسفور الباردة، الملاذ الأفضل لهم، هواة السباحة في المياه الباردة، الأمر الذي لفت انتباه الكثيرين وخاصة السياح.
وكان لهواء صيد الأسماك نصيب من هذه اللوحة الرائعة، فالصيد في هذه الأجواء بالنسبة إلى هؤلاء “متعة لا تُعوض” و”حالة عشق”.
فعلى جسر غلطة بالقسم الأوروبي من مدينة إسطنبول، تنتصب صنارات الصيادين تبحث عن سمكة تُمتعهم في هذا الطقس، وسط حلقات حول مواقد النار يتبادلون فيها أطراف الحديث.
وإلى جانب أجواء الفرح والسعادة، التي خلقتها ثلوج إسطنبول، لفت انتباه زوار المدينة اللمسات الإنسانية لسكانها تجاه الحيوانات في الطرقات والغابات.
وللحيوانات نصيب!
وانتشرت المبادرات الفردية، والرسمية الممثلة بالبلديات، لإيواء تلك الحيوانات، وخاصة القطط والكلاب، فوزعت على الطرقات وفي الساحات المنازل الصغيرة الجاهزة، مع الطعام والماء، حتى وصل الأمر إلى إيواء الكلاب ليلاً في المحال التجارية والكثير من أسواق إسطنبول، لتجنيبها برودة الطقس القاسية.
“كبرى كوشان”، فتاة تركية، أبدت فرحاً بالأجواء الإسطنبولية الباردة، التي أملت أن تكون “محطة تمحو محاولات البعض النيل من عزيمة هذه المدينة”.
وأضافت “كوشان”، “أشعر في هذه الأجواء، ومع هذا الجمال الخلاب، براحة نفسية وسعادة كبيرة، أتمنى أن تعم على الجميع”.
أما “إلك نور كيسكن”، فقالت إن “السرور يملأ قلوب المواطنين في هذه الأجواء الرائعة وسط استمرار تساقط الثلوج”.
وشددت “كيسكن” أن أعداء هذه المدينة “لن يتمكنوا من النيل منها أو من صمودها (…) وسيكون الثلج الأبيض صفحة جديدة بدون إرهاب”.
لم يكن أهالي إسطنبول وحدهم، في استقبال زائر المدينة الأبيض، فكذلك كان للسياح العرب والأجانب، دور في الاستقبال والترحيب بطرقهم الخاصة، التي زادت من أجواء الفرح والبهجة.
السائح البحريني، جميل منصور، قال إن “مثل هذه الأجواء لا نراها في بلادنا، ولذلك خرجنا إلى الساحات والميادين للاستمتاع بالثلوج والمناظر الخلابة الجميلة، التي تسرق العقول وتبهر الأنظار”.
وتمنى منصور، أن “تعم روح هذه الأجواء الجميلة على كل الأمة، وأن يكون هذا العام، عام خير وسعادة على الجميع”.
أما الشاب السوري أحمد عمر، فوصف تساقط الثلوج في إسطنبول بالـ”المشهد الرائع”، قائلاً: “الجميع يلعب ويضحك ويفرح، والأمور تسير بخير في هذا البلد”.
وقال عمر، “ندعو الله تعالى أن تكون إسطنبول على مدار العام صامدة بوجه الإرهاب، وفي وجه كل من يحاول النيل منها ومن جمالها وروعتها”.
ضيف أبيض بارد، أضفى على جمال المدينة مشاعر دافئة ومزيداً من الجمال، فقد ساهم في ازدياد حرارة الألفة والمحبة بين سكانها وزوارها، وكان حافزا للصمود أكثر في وجه كل من يحاول الكيد لهذه المدينة العريقة، الجامعة للتاريخ والثقافة، ونقطة التقاء القارة الأسيوية بجارتها الأوروبية.
المصدر:الأناضول
اسطنبول الحلوة ??